على طريقة الكتاب الكبار الذين نتعلم منهم دوما  أمثال علي أنوزلا و أبو بكر الجامعي،ستلتقون مستقبلا مع مقالات مشتركة بيني وبين بعض المدونين الذين حظيت بصداقتهم إما في عالم الواقع أو على مستوى العالم الإفتراضي حول قضايا وأمور مشتركة بيننا سواء على المستويين المحلي أو الدولي.
أولى هذه الأعمال المشتركة إرتأيت أن تكون مع الصديق الرائع المدون الموريتاني أحمدو ولد مصطفى،الطالب في شعبة اللغة العربية الذي حظيت بمعرفته السنة الماضية،وبدوره يمتلك مدونة شخصية على الأنترنت يطعمها بشكل شبه يومي بمواضيع خفيفة ورائعة.
موضوع اليوم في جزئين،ننشر الأول منه اليوم على أساس إستكمال الجزء الثاني بعد ثلاث أيام على أبعد تقدير.
نسمع هذه الأيام صرخات متحجرة ممجوجة قادمة من عصور الظلام والتيه، خارجة من حناجر ملوثة بالتخلف والعدمية،تفوح منها رائحة القبور، تجعل العقل يتوقف عن التفكير والحواس تتألم وتعيش في صراع مع تردي الذوق والانحطاط الفكري المقيت،أصوات قادمة من مملكة آل سعود تقول أنه على الرجل الصالح عدم الاختلاء بالشاب الوسيم  حتى لا يغريه ويقع في "الرذيلة "،وأخرى من مصر تنصح  الإعلامي الساخر والمتميز باسم يوسف بلبس النقاب لأنه"أحلى"من إلهام شاهين وليلى علوي وذالك حسب تعاليم "الإسلام"...
ونقرأ أخبارا تفيد أن هناك فتوى لأحدهم  تروج لفكر"جهاد النكاح" أو"الاغتصاب المقدس"حيث تقوم الفتاة بالسفر إلى سوريا لتتزوج أحد المقاتلين هناك لمدة ساعة كمساهمة منها في دعم الثورة ولو جنسيا،الأمر الذي لا يعدو كونه تشريعا للفساد ،وقد تسببت هذه الفتوى في سفر عشرات الفتيات التونسيات إلى سوريا من أجل ذلك الغرض وما خفي كان أعظم.
هذه  الفتاوى هي تطور طبيعي لنظرة المتطرفين الوهابيين للمرأة على أنها عورة وعار يجب حجبه وأن دورها فقط هو إشباع غرائز الرجال في غرف مظلمة،وعقدتهم الأزلية  مع الجمال والجنس،فقد تطور الأمر من نقاب المرأة وضرورة سجنها في المنزل إلى الدعوات إلى نقاب الرجل الوسيم وحجبه مخافة الفتنة فهم لا يفكرون بعقولهم بل بما تحت أحزمتهم، فالجمال برأيهم يجب سجنه لأنه خطر على الأمة ومجالسة الوسيم نتيجة حتمية للرذيلة-كأننا نعيش فقط من أجل الجنس-.
لكن الخطورة في الأمر أن هذه الفتاوى والآراء والمظاهر أصبحت عابرة للقارات، فالفتوى تطبخ وتطلق من السعودية ومصر ويصرف عليها بسخاء من مال الشعب  لتعم كل بقاع الأرض عبر القنوات الفضائية كقنوات الرحمة والناس ، وتروج على أنها هي الإسلام الصحيح وغيرها كفر و بهتان مبين، ويتأثر بها المصابين بالتصحر الفكري وضمور الوعي.
فمثلا في موريتانيا والصحراء" والعهدة على صديقي مراسل كليميم" أصبحنا نلاحظ ازديادا في أعداد المنقبات ذلك اللباس الغريب على ثقافتنا ، وبدأ الخطاب المتشدد الذي يضطهد المرأة القادم من السعودية ينخر جسد المجتمع .كذالك  أصبحت مصر أرض الحضارة والجمال موطنا للانحطاط وتردي الذوق وانتقل الحديث فيها من الإبداع إلى زواج القاصر ووطئ الجثة وحجاب الرجل وشرب المرأة لبول زوجها وارتدائها للبنطلون  حتي إن كان في بيتها ، وحرمة جلوسها على الكرسي و لمسها للموز أو الجزر،ففي مصر أصبح يخرج لنا شخص مثل الشيخ إسحاق احويني ويقول : "وجه المرأة كفرجها  وينتقد ظهور الفقيهات على التلفزيون ويتهم المرأة
 بالعامية والجهل والدونية :
واحدة قاعدة أمام الكاميرا على الفضائية تخاطب ملايين الناس في العالم..بأي دليل تخرج؟ ماذا عند هذه المرأة من العلم حتي تقدمه؟ إنما العلم للرجال »بتاع الرجالة وبس« وأي امرأة مهما صعدت هي مقلدة وعامية، ما فيش امرأة قادرة على دراسة العلم على أصوله، الجهل فاشي في النساء«(!)
 السبب في هذه الحالة هو استقالة النخب من دورها التنويري وترك الشعب للفقه الغوغائي المريض ومدعي العلم والتدين، فالطبيعة لا تحب الفراغ..وعندما نعجز عن  ملأه بما هو إيجابي، فنحن نترك للسلبي الفضاء فارغا ليمارس وصايته الفكرية علينا.


يتبع...


0 التعليقات

إرسال تعليق