منذ فترة ليست قصيرة وموضوع الانتخابات البرلمانية المغربية يطغى على النقاش في مختلف الفضاءات المتاحة ومواقع التواصل الإجتماعي،هذا النقاش أخفى وراءه الكثير من المسائل التي هي في الحقيقة أكثر أهمية من إشغال أبناء الشعب البسطاء في قضية الانتخابات التي لم تفرز سوى من دفع أكثر ومن كان سخيا مع "ولاد عمو" ومن نجح في إستمالة أصوات (.....) عفوا الناخبين من أبناء هذا الوطن الجريح .

موقفي من النتائج سيكون مقسما حسب المستويين الوطني والمحلي(آسا،كليميم):

 أ* نتائج الإنتخابات على المستوى الوطني:

 مع تصدر حزب العدالة والتنمية لنتائج الانتخابات   ظهرت لنا قراءات تافهة من أجل تصوير كون هذا الحزب هو  الرافعة التي سوف تنشل هذا البلد من براثن التخلف،وكون الاسلاميين هم من سيصعدوا بهذا الوطن إلى مصاف الدول المتقدمة...
أقول لهؤلاء التافهين من البسطاء المساكين،من يتتبع مسار جل قياديي هذا الحزب سيكتشف أنهم من صنع المخزن والسلطة القائمة آنذاك.وأغلبهم كان إلى الأمس البعيد من العملاء الذين كانوا يأثتون فضاء الجامعة المغربية ومن كانوا" كيوصلوا" الأخبار عن تحركات أقطاب اليسار  عندما كان هذا الأخير في عز أيامه.
فحزب العدالة والتنمية شأنه شأن جل الأحزاب المغربية " الإدارية" التي خرجت من رحم السلطة  المغربية وكان إلى الأمس القريب بوقا من أبواقه.
وفي موضوع ذي صلة أحيلكم على العدد الاخير من مجلة "aujourdhui le Maroc" التي أجرت حوارا مع القائم بالأعمال بالسفارة الفرنسية الذي أكد أن  قياديي حزب العدالة والتنمية أعطوا ضمانات *مطلقة* للملك ولفرنسا على أن يكون حكمهم كأي حزب عادي وألا يمسوا بأي شيئ جرت عليه العادة في هذه البلاد" السعيدة"..... لهذا فلا تنتظروا من "pgd" أن يحل مشاكلكم او أن يمنع الخمور أو التفسخ الأخلاقي المنتشر هنا وهناك...
أحيلكم على هذه  المجلة المذكورة مع إقتناعي بأن أغلبكم لن يكلف نفسه عناء تصفحها لكوننا نطلق الأحكام المسبقة بدون معرفة الحقائق كاملة،ولأننا أيظا "شعب لا يقرأ".
الوجوه التي أفرزتها  هذه   الانتخابات لن تكون مختلفة كثيرا عن ممارسات سابقتها، وهي لن تكون سوى نسخة ربما أسوأ عن الانتخابات السابقة، فهي عمليا الامتداد الطبيعي لها، وبالتالي فإن من غير المستغرب أن تفرز نفس سياسة الحكومة التي واظبت على "امتصاص" دم الوطن والمواطن، واستمرأت الفساد وحالت دون القيام بأي عمل حقيقي من اجل الحد مما هو جار من نهب وسلب وفساد وإفساد ممنهج من اجل بقائها جاثمة على صدر هذا الوطن المستباح في ظل عصابة تفتقر إلى الحد الأدنى من الانتماء والمسؤولية خاصة وانه أصبح معروفا للجميع الكيفية التي وصل بها هؤلاء إلى قبة البرلمان.
    إن من غير الممكن القبول بكل الفرضيات والشعارات التي تدعي بأن المرحلة المقبلة- السنوات الخمس القادمة- سوف تكون هي مرحلة التغيير نحو الأفضل، خاصة بعد ان خبر المواطن البسيط ما خبره خلال الأعوام الماضية، وكل محاولات المراوغة والتزييف والتزلف والتزوير والمساومة لن تغير من الواقع البائس الذي أخذه هؤلاء إليه، لقد أثبتت التجربة السابقة أن برلمانا يقوده مجموعة من السماسرة والفاسدين والمفسدين الذين أتوا على ظهور المال الحرام لن يكون بخير لا في السنوات الخمس المقبلة ولا حتى في السنوات العشرين القادمة.

ب*على المستوى المحلي:
     
          أولا: نتائج آسا الإنتخابية

كما هو معلوم افرزت صناديق الإقتراع في آسا عن فوز كل من الشيخ حمدي ويسي والشاب رشيد التامك في مزج "غريب" بين الخبرة والشباب.......
والمضحك أن كلا المرشحين من أصحاب الماضي العريق في خدمة الوطن... 
وانتم تعرفون ماذا أقصد بخدمة الوطن فهي تشمل عدة مجالات كالسرقة و الخيانة و غيرها من الخدمات الجليلة المقدمة للوطن والشعب .
فبعد علمي بالنتائج رجع بي فكري إلى الأمس القريب حين تصفحي الدائم للنقاشات الدائرة في الفيسبوك وكيف كان من يسمون أنفسهم "شباب التغيير" يهللون ويستبشرون خيرا بقدرتهم على إزاحة رموز الفساد وإنجاح رموز هذا التغيير المنشود.... لكن بعد إطلاعي على محاضر عمالة آسا عرفت ان جزءا كبيرا من هؤلاء صوتوا "مشكورين " على رموز الفساد.
أقول لهؤلاء "الشباب" حماستكم هذه لايجب أن تكون خلف جهاز الكمبيوتر بل كان حريا بكم أن تنزلوا إلى أرض الواقع وتكافحوا وتناضلوا من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه مما تبقى من ملامح الكرامة.
لنصفق لكم ونقول هنيئا لكم على هدا الاندفاع والحماس الذي زادت حرارته بشكل كبير خلال الإنتخابات وهذا يذكرني بخطب وأشعار القومية العربية عند نشأتها في البداية حيث سادت الشعارات الرنانة وتم توزيع الأحلام الوردية بشكل مجاني لتصطدم هذه القومية بواقع فظيع تتجاذبه تيارات المصالح والإنبطاحات المتتالية.

        ثانيا: نتائج كليميم الإنتخابية



رغم كون أفراد أيتوسى  المقيمة في مدينة كليميم كان يضرب    بهم المثل في بيع الذمم والقبيلة بأرخص الأثمان

لمن "يدفع أكثر" لكن هذه الإنتخابات ربما أبانت عن إرهاصات تغيرملحوظ في كيفية تعاطي مكونات القبيلة مع الإنتخابات.
فرغم عدم ظفر مرشح ايتوسى حيدارا براهيم بأي مقعد لكننا ننحني 
إنحنائة إجلال وشموخ لأيتوسى كليميم وذلك بالنظر للأسباب التالية:

-     لأول مرة في تاريخ أيتوسى يتم الإتفاق على مرشح واحد للقبيلة  و تم بالتالي تجاوز الاخطاء الماضية عندما كان يتقدم للإنتخابات " من كل عرش شخصان" فنجد من يدعم أيت لحسن والآخر مع أيت باعمران إلخ..
-     حصول حيدارة على مجموع 5230 صوت أي  قرابة 80 من أصوات أيتوسى المتواجدين بكليميم ...ولولا القرى المحيطة بالمدينة ذات الكثافة السكانية للأمازيغ لظفر الرجل بمقعده قي البرلمان.

قد يقول لي البعض " أنت متناقض مع نفسك" فكيف تعارض رموز الفساد في آسا وتتعاطف مع حيدارا في كليميم مع انه من سلالة عائلة تعد مثالا في "التخلويض"...
أقول لهؤلاء كجواب منطقي لهذه الملاحظة:

أولا لم يسبق لي أن اعلنت عن دعمي لحيدارة ،بل على

العكس تماما لم أحشر نفسي في عناء التصويت في

 إنتخابات محسومة سلفا وتدار بنفس الأساليب القديمة.

ثانيا أنا دوما أقول أن لكليميم وضع خاص مختلف تماما

عن آسا...فأيتوسى في هذه المدينة تتقاسم المحيط مع

 عدة حساسيات قبلية وبالتالي وجب عليها الإلتحام لأن
    " كل قبيلة كتنش على كبالتها" أما الوضع في آسا مختلف  تماما وهنا أستغرب لماذا لم تتغير هذه المدينة من ناحية إختيار اناس شرفاء يمثلونها طالما أن الأمر محسوم بصعود أيتوسي في آسا وبالتالي الفرصة مواتية للتغيير بدون منافسة من أي قبيلة أخرى.
.
لم اجد ما أختم به موقفي هذا إلا الكلام الحكيم لمارتن جوفرا

 عندما قال:


من المرارة أن تفشل..لكن الأكثر منه مرارة ألا تحاول النجاح.







0 التعليقات

إرسال تعليق