الشهرة في البلدان المتقدمة تكون وفق معايير واضحة منها مدى خدمة البشرية او إختراع شيئ قد يمنح للحياة قيمة مظافة...لذا فإن سألت مثلا في أوربا عن الشخص الذي إخترع المصباح،أو من نظر لصنع الطائرات أو الصعود للقمر ، أكيد سيعطونك إسمهم وبكل التفاصيل...كيف لا وقد  كانوا مدينين لهم بما وصلوا إليه من تطور الأن...
أما الشهرة في البلدان المتخلفة متخلفة هي  أيضاً وشبيهة بالغبار الذي يعلو سقف إحدى البنايات المهجورة.

ومن" حسن "حظ المواطن العربي أن كل مجالات الشهرة لم تكن في مأمن من التخلف، سواء في المجالات السياسية والفكرية ، فما أن يظهر زعيم سياسي جديد حتي يؤيده ويعلق صوره على جدران غرفة نومه بوصفه القادر على تغيير الحاضر والمستقبل، ولكن سرعان ما يتضح له أنه وحش وجلاد وقاتل...
 وما إن يحب أديباً معادياً لكل سلطة حتي يتبين له أنه مجرد إسترزاقي يحلم للوصول إلى   عتبات أي مسؤول سواء أكان كبيرأ أم صغيراً...
 وما إن يحترم صحافياً ويعتبره صوته الصادق حتي يتضح له أنه لم يكن سوى متنكر في زي ليس في مقاسه ويجري وراء جلب مصالحه على حساب أخبار البسطاء والمساكين...
المجال الفني لم يكن أيظا في غنى عن هذا التخلف، فطوال شهر او يزيد "نفخت" الجرائد و المواقع الإلكترونية المغربية والعربية على السواء رؤوسنا بما سمي  ببرنامج "محبوب العرب Arab idol"...وكأن كسب حب العرب يقتضي من الراغب في الفوز به لبس نصف سروال وغناء معزوفات على طريقة "الواوا"...
ومعروف أن المغرب كان ممثلا بالمسماة" دنيا باطما" التي قيل عنها إنها إبنة الحي المحمدي بالدار البيضاء،وهو أكثر الأحياء الشعبية بالمدينة.
فكل صباح إعتدت على الإستماع للراديو،وأفاجأ بأخبار هذه "الموهبة" التي جعلت منها الإذاعات المحلية خبرا رئيسيا مقدما حتى على عمليات القتل الدموية بسوريا أو أخبار العدوان الإسرائيلي على غزة...
لو كان المواطن يرى بعين منطقية للأمور لفطن أن مثل هذه البرامج لم تخلق إلا لإمتصاص أكبر قدر ممكن من عقل وفكر البسطاء خصوصا في مثل هذه الظروف التي تمر منها المنطقة،حيث الدماء تراق هنا وهناك وأنظمة بكاملها-ومنها المغرب- تعيش على أعصابها من ثورة محتملة على أراضيها-.
وقد جيشت الدولة المغربية آلتها الإعلامية بشكل كبير لحث الناس على متابعة" بنت لبلاد" في هذا البرنامج ،فتجد هذا الخبر حديث الكل في المقاهي والشوارع والجامعات..بل أكثر من ذلك قامت شركة إتصالات المغرب بفتح خطوط التصويت لباطما بالمجان لكي يقال بأن المغرب شعبا وحكومة يقف مع أبنائه في "المحافل الدوليةّ"
لكن في الأخير –والحمد لله- خسرت المتبارية المغربية الرهان،ونجونا بالتالي من ركوب المغرب على هذا الحدث بالقول أن فوزها الذي كان محتملا كان نتاج مجهود "ديبلوماسي"كبير تجندت له كل الفعاليات الحكومية والقطاعية..
"آسيدي ما بغينا لا إنجاز لا والوا ،داوو غير دوك الناس اللي كيموتوا قدام باب السبيطارات"
وا أســــــــــــفــــــــاه

0 التعليقات

إرسال تعليق