لا أعتقد أن هنالك شيء في هذه الحياة أكثر سوءا من نظام الامتحانات، واعتقد أنها الشيء الوحيد الذي لا يحبه أحد، وحتى إن وجدت أحدا ما يجب الامتحانات؛ فأكيد أنه  مُصاب بخلل في المخ و المخيخ والبصلة السيسائية، لذا أظن أن  أفضل طريقة لمنع التلاميذ من الغش في الامتحان؛ هي إلغاء نظام الامتحانات من أساسه، أو إن كان لابد منها؛ فـلتكن أسئلة الامتحان على شاكلة مثلا:
- اكتب سؤالين من إختيارك وأجب عنهما بإيجاز.!
قد يكون لي البعض أني " مفروح" لكن لما لا نفكر في هذه التجربة التي طبقتها عدة دول ونجحت في جني ثمارها.
فـالتلميذ يتعلم أساسيات الغش من أجل الامتحانات، وبعدها يجد الطريق سالكة أمامه، ثم يحلو له الغش، فـيغش في الامتحان، وفي غير الامتحان، وأسئلة الامتحان أحياناً تكون تعجيزية، وفي الجامعات بالذات أحياناً يأتي الدكتور أو "البروف" بسؤال أو مسألة يعرف تماماً أنه لا حل لها بتاتاً.... حدثني أحد الأصدقاء أن أحد الدكاترة سابقة حينما وزّع عليهم أوراق الامتحان وقال لهم بتهكم واضح أن المسألة الأخيرة هذه لا يحلها في البسيطة كلها إلا "سيادته"، وأن عليهم أجر المحاولة فقط، وعليه أجر"تكزارهم في النتيجة"
قد يتسائل أحدكم: إذا تم إلغاء نظام الامتحانات، ما هو البديل لتمييز التلاميذ وإعطاء الدرجات؟ كيف يتم تصنيف هذا تلميذ موهوب ومجتهد، وذاك تلميذ " مجلج بزاف"؟
توجد بعض الدول المتقدمة، وبعض الولايات في أمريكا لا تُطبق في مدارسها وجامعاتها نظام الامتحانات بتاتاً، وتعتبر أن الامتحان لا يجني التلاميذ من وراءه أي فائدة، وهذه المدارس لا تضع الامتحان المؤشر الحقيقي لقدرات الطالب، بل وتعتبره يقيّد ويخنق الكثير من المواهب والملكات المدفونة في أعماقه، ولا يشجعه على أن يأتي بجديد، ويعوّده على نمط الإجابة الواحدة، التي إذا حاد عنها فمصيره الفشل الذريع، وأتت بنظام جديد، وألغت النظام الذي يعتمد على منهج تعليمي يقوم على الحفظ والتذكر والتلقين، ولا يشجع على الإبداع، نظام الإجابة القطعية مثل (أجب بلا أو نعم)، (ضع دائرة حول رقم الإجابة الصحيحة)، بل وغيّرت النمط التعليمي بـأكمله وقالت أن أسلوب الحفظ والتفريغ يخلق نسخاً متشابهة، وأنماطاً متطابقة تفتقر إلى التميز والتفرد.!
فعلا صدقوا لأن من يطالع إجابات أوائل التلاميذ في الاعدادي والثانوي، بل وحتى في الجامعة، والدراسات العليا؛ يجدها نسخة طبق الأصل منسوخة عن سابقيهم من الأوائل بتبادل " البوليكوبات و التلاخيص"، أو من بعضهم بتبادل (لحروز)، وكثير منهم يخرجون إلى المجتمع بفهم واحد، ورؤية واحدة، لأن المسيرة التعليمية كانت من البداية هي استسلام لمقرر دراسي واحد، ثم تعاطيه كما هو، واسترجاعه يوم الامتحان، والامتحان نفسه تكون البراعة فيه هي استرجاع المادة المحفوظة كما هي، بغير إضافة أو تعديل أو نقد أو تخيل، لأن العملية التعليمية كانت من البداية هي حشو أدمغة التلاميذ بالمقررات، مع تضييف مساحة التفرد عندهم.!
صحيح أن مقرراتنا لا تسمح بـالتفرد، فمن المُحبذ أن يقوم بهذه العملية المعلم أو المعلمة في الفصل، أن يشجعوا ويفسحوا الفرصة للتلميذ أن يأتي بشيء من عنده ولو خارج إطار المقرر، والتلميذ ليس صغيراً على أن يأت بجديد رأي أو فكرة، فإذا سألت التلاميذ عن آرائهم في المقررات الدراسية التي يدرسونها؛ ستسمع منهم الكثير، وسيدهشك ما سيبدونه لك من نقد ورأي . !
بعد كل هذه التوطئة يبقى التساؤل :ما هو هذا النظام الذي يستحق أن يكون بديلاً عن نظام الامتحانات؟
بعض الخبراء أعطوا إجابات كثيرة، وأحسنهاأن ندخل بعض التغيير في العملية التعليمية، نبدأ بـغرس روح الفريق في التلاميذ، بعض الدول في مدارسها يقوم المعلم بتقسيم الفصل إلى مجموعات صغيرة، يعهد لكل مجموعة منها بدراسة موضوع أو مسألة معينة تكون موضوع الحصة أو المحاضرة ذاتها، ثم يعودون بعد انتهاء الواجب لتقديم أحدهم نيابة عن المجموعة لتقديم خلاصة الجهد المشترك، وهو ما يعرف بـ (العروض)، فـبدلاً من أن يكون هنالك تلميذ يتلقى وأستاذ يشرح؛ أصبح تلميذ يُلقى محاضرة، والبقية يتفاعلون معه، وهنا يبرز الفارق الكبير بين دور المتلقي الذي ينتهي بامتحان يتحمل فيه كل تلميذ نتيجة عمله، وبين العمل الجماعي الذي يتأصل في التلميذ منذ الصغر، ويعتاد عليه وعلى نتائجه، ففشل الفرد هنا يعتبر فشل مجموعة، ونجاح المجموعة يتوزع على الكل، لذا تجد أن التلميذ في كوريا واليابان والصين وبعض الدول التي تقدمت في السنوات الأخيرة؛ تجده ينمو فيه الشعور بتحمل مسئولية الفريق منذ تلمس خطواته الأولى في الدراسة، بل وفي مرحلة مثل (رياض الأطفال( ، وعندما يرتقي إلى المدرسة يتم تدريبه على إنتاج المعرفة بدلاً من أن يكون مستهلكاً لها فقط!
أتمنى أن يلحق أولو الأمر طلائع هذا الجيل وحثّهم على أن يأتوا بجديد، فـالفارق الحقيقي بين الدول المتقدمة والمتخلفة يكاد يتمحور حول الأنظمة التعليمية السائدة في كل منهما على حدة.
أتمنى في الأخير من جميع أهالينا " خصوصا في آسا وكليميم" تتبع أبنائهم وحثهم على التحصيل " الشريف والحلال" ونصحهم بالإجتهاد أكثر في دراستهم بدل الإنتظار حتى قرب الإمتحان و إصطحابهم إلى أقرب وكالة لإتصالات المغرب أو شركة إتصالات اخرى لطلب l’abonnement من أجل " النقيل في الباك" وبالتالي نستمر في إنتاج جيل بأكمله " مكلخ" سيجد صعوبة أكثر في الإندماج في الحياة مستقبلا...
 بل الأكثر من ذلك تفاجأت حين  أسر لي أحد الزملاء أنه تم رصد حالات غش بالهاتف حتى في مستوى السادس إبتدائي.....غريـــــــــــب جدا
الله ينجح

0 التعليقات

إرسال تعليق