منذ سنواتنا الأولى في مقاعد الدراسة،وخصوصا ما تلقيناه في "مادة التربية الوطنية" ونحن  نعلم أن مجلسي البرلمان هم فئة اختارها الشعب لتكون الناطق بلسان الشعب ، لمصلحة الشعب ، ودفاعاً عن مطالب الشعب ! إلا في بلاد المغرب، فالنواب ها هنا فئة مستقلة تماما عن الشعب عن الشعب ، تركض وراء الشعب حتى ينتخبها ، ثم تدير له الظهر لأجل " التكسال" ، وتلبس نظارتها السوداء حتى لا تراه ، وتصم أذنيها عن مطالبه وأوجاعه ، وثقف على مستوىً ثالث منه ، فالشعب هنا يواجه الحكومة من جهة ، ويواجه ( نوابه المبجلين ) من جهة أخرى !! وكنا نفترض أن الحكومة والبرلمان والشعب أجزاء لوطن واحد ، لشعب واحد ، ومصلحة واحدة مشتركة ، لكننا نراها جبهات ثلاث ، مصالح كل منها تتعارض مع الأخرى !!

بالتأكيد بعد مرور سنة تقريبا عن تعيين – ولم أقل إنتخاب- الحكومة نصف الملتحية بدأنا نسمع عن  البطْء السلحفائي الغير مبرر  لحركة الحكومة في إتجاه الإصلاحات  السياسية والاقتصادية التي "طبخوا لنا راسنا بيها الإسلاميين " في الحملات الإنتخابية، والتي وعد الملك بمباركة خطواتها ، بل وبدأنا نسمع الآن عن جدية في التفكير بتعديل حكومي وشيك قد يرمم المناصب التي يعتريها ضعف أو نقصان... 
هاهو العام انقضى وقانون المالية صادق عليه عليه نوابنا المحترمون بعد مفاوضات لا يعلم فحواها إلا الله ،ولو أنني أرى كما يرى جل الدارسين بكليات الحقوق أن الأجدر أولا هو الانتهاء أولا من تقييم  موازنة 2012  أو ما يصطلح عليه في علم المالية العامة بقانون "التصفية" أي العمل بمقولة" شحال صرفنا وشحال شاط لينا".
النواب اليوم لم يعودوا يستشعرون الخطر على مقاعدهم الآن ، والتي كانت تترنح أمام صرخات أبناء الشعب المنادية يومياً في الاعتصامات المشتعلة نارها أمام مجلسهم ،والمطالبة  بإسقاط برلمانهم الموقر ، ولذا فهم يركزون هذه الأيام على عدم الموافقة على قانون الضريبة على الثروة إلا إذا إستثنى "سعادتهم" برفقة الوزراء أيضاً ، لأنهم لو خرجوا من البرلمان ( الآن مثلاً ) فسوف يحرمون من امتيازاتهم الهائلة ، وهم بالتالي يريدون أن " يكبروا لحزمة" مع الوزراء للحفاظ على امتيازاتهم ، وهذا ما سمعنا أن الوزراء يفكرون بعمله ، ولتذهب أموال البسطاء في مهب الريح.
لهذا نرى النواب الآن منشغلين عن أمور الإصلاح السياسي للمواطنين بإصلاح أمور مصلحتهم الخاصة ، قبل أن تنقلب بهم كراسيهم !!
أليس من المهم و المعقول  أن يكون للحكومة والنواب صوت قوي ومسموع ضد ارتفاع الأسعار والغلاء ، وجشع الشركات الحيوية ضد مصالح المواطنين ، فها هو المكتب الوطني للماء و الكهرباء يدرس فكرة تحويل الفاتورة من شهرية إلى ربعية( ورقة الضو والماء لاهي تم تجي كل 15 يوم إستهلاك) ، في خطوة تمثل محاولة توجيه ضربة قاضية لصبر الناس على العبث بأمورهم الحيوية لو تمت . . فتحويل الفاتورة إلى " الكانزة" سيضر أغلب الفئات ، لأنها تلقائياً ستدخل ضمن استهلاك الشرائح العليا ، فلماذا إذن لا يعطوننا رواتب كل 15 يوم كذلك !!! ؟؟  باغيين يقولبونا...
متى سيفهم المسؤولون أن المواطن قد يتحمل كل شيء ما عدا المساس بأساسيات حياته من ماء وكهرباء وغذاء وعلاج ؟؟ متى سنوقف  الصدمات على البسطاء الذين باتوا يخشون طلوع فجر يوم جديد حتى لا يتفاجؤوا بها ؟؟إلى متى ستستمر سياسات التخبط والعشوائية في كل شيء ؟؟
ترى ..وعلى لسان احد الغاضبين: ما لون النظارة التي يرتديها المسؤولون حتى جعلتهم  لا يشاهدوا عذابات الشعب اليومية ؟ ما حجم ( سماعات الأذن ) التي يغطون بها آذانهم حتى لا يسمعوا صرخاتهم ؟ وما اسم المنوم الذي يستعملونه لضمائرهم حتى يجيزوا لأنفسهم كل هذا ؟
ترى متى ستبدأ الحكومة خطواتها الحقيقية في الإصلاح المنشود ووقف الفساد ومحاسبة الفاسدين ورفع الظلم وأعباء الحياة الصعبة عن المواطنين ؟ متى سيتذكر النواب والحكومة أنهم وجدوا أصلاً من أجل الشعوب وإدارة مصالحهم ، لا من أجل مصالحهم الخاصة – والتي كانت ستتحقق تلقائياً لو عملوا بضميرهم بغض النظر عن منصبهم وبما يمليه عليهم الواجب الحق ؟؟-
ستعرفون في الاسبوع القادم سبب حديثي عن واقع العمل البرلماني والحكومي بهذه النظرة الحادة...فهناك مفاجأة ضخمة ستمس عمق المواطن يتم التحضير لها الآن في الكواليس الحكومية وفق مصادر خاصة جدا ...تحياتي

0 التعليقات

إرسال تعليق