لا شك أنكم تابعتم مؤخرا تناسل
جرائم القتل بكل من كليميم و آسا ومداشر صحراوية أخرى لم تكن إلى عهد قريب تعرف
مثل هذه الجرائم ولعل القاسم المشترك بين عديد هذه الجرائم أن مرتكبيها يتذرعون
بأنهم كانوا في حالة دفاع شرعي عن النفس في مواجهة الضحية...
فما هو موقف القانون من هذه
الحالات الإسثنائية؟
إذا كان من المألوف والمنطقي أن يفاجئ المجرم ضحاياه...فإن اللامنطق سيكون حول
حالة معكوسة...الضحية فيها هو من يفاجئ المجرم غالبا، و تسمى بحالة الدفاع
الشرعي .
فالأصل أن
القانون لا يجيز للشخص الإقتصاص لنفسه بنفسه...غير أنه إذا توفرت بعض الشروط جاز
للشخص دفع الإعتداء عن نفسه...حتى و لو كان في ذالك إلحاق الأذى بالمجرم...هنا لا
تكون الجريمة جريمة ...و لا الضحية مجرما...بل مدافعا عن نفسه ! ، و لكي يمنح
القانون هذه الرخصة ...يشترط عدة ضوابط وشروط هي:
- أن يكون
الإعتداء قد وقع فعلا كقيام شاب بإشهار
سلاحه في وجه فتاة،و تهديدها باستعمال السلاح إذا لم تقم بتلبية رغباته الجنسية، أو
على وشك الوقوع...أما عن الإعتداء الذي يكون وشيك الوقوع....فكقيام شخص بمرافقة
مجموعة من الشباب في رحلة بحرية على زورق...و يتكشف صدفة أن هؤلاء يبيتون قتله و
إلقاءه في البحر...عند الوصول إلى مسافة معينة...فالإعتداء وشيك رغم أنه لم ينفذ...و
لكنه سيقع حتما
!
- أن يكون هذا الإعتداء غير قانوني وعلى هامش
الشرعية.........فتقييد الشرطي للمجرم عند القبض عليه بالأصفاد" أو
المينوط"،أمر عادي و قانوني و لا يبيح للمجرم ضرب الشرطي بحجة الدفاع الشرعي
عن النفس...ديرها وتشوف ىش غايطرا لك.
أما الضحية...فليس حرا في الدفاع عن نفسه و عرضه و ماله...بل
رسم له القانون حدين لا يجوز له تجاوزهما...الأول منطقي جدا...وهو أن يكون دفاعه
عن نفسه متزامنا مع الإعتداء عليه،فضرب الفتاة للمجرم يجب أن يكون في اللحظة
التي حاول فيها هذا الأخير اغتصابها و ليس بعد ظهور علامات الحمل !!!...هنا لا
يكون دفاعا شرعيا...بل إنتقاما ! أو مجرد سلوك للتعبير عن تأنيب الضمير...أو ما
شابه
كما أن على الضحية اختيار الأسلوب المناسب للرد ....بشكل
لا يكون فيه الرد أخطر من الإعتداء نفسه....و هو شرط مثير للسخرية في نظري
!!!...فكيف لشخص مثلا رأى مجرما داخل منزله و هو يحمل شيئا ما...أن يختار الوسيلة
التي يدافع بها عن نفسه و عائلته ويكون " ظريف معاه"
فليس لديه الوقت الكافي للتفكير...كما أنه لا يستطيع
معرفة ما لدى المجرم من أسلحة...هل يقوم بالدردشة مع المجرم و الإستفسار عن ما
يحمله " و لم لا يشرب معاه قهيوة"، أو يفتح معه حوار على شاكلة ماذا لديك من أسلحة؟؟؟...فيجيب المجرم : سكين
!!!...فيقول الضحية : انتظرني لحظة !...سأجلب سكين " الخضرة" أكيد سينتابكم الضحك.
و الأسوء في هذا السياق أن القاضي هو من يحدد ما إذا كان
الدفاع مناسبا أم لا....و هنا أتسائل و لك عزيزي القارئ أن تجيب : هل شارك القاضي
الضحية في تلك اللحظات العصيبة ...حتى يكون له الحكم على الواقعة؟ فكم من مجرم
إرتكب الجرم عن سبق إصرار وترصد وتم تكييف جرمه على اساس أنه دفاع عن النفس !!!
عند توافر هذه الشروط إذن تمحى الجريمة كليا،
وبالتالي فإنه يعدم المسؤولية الجزائية والمدنية معا,ويمحو العقوبة تماما و يستفيد
من الدفاع المشروع الفاعل والمحرض والمتدخل، والدفاع المشروع تثيره المحكمة من
تلقاء نفسها وحتى لو لم يثره المتهم.
0 التعليقات
إرسال تعليق