ملحوظة: تشكراتي الحارة للصديق محمد ص،الطالب الباحث في الإقتصاد التطبيقي economie appliqué  الذي ساعدني كثيرا في إنجاز هذا المقال حول الإقتصاد الإسلامي بحكم تخصصه الأكاديمي فلك مني أخي محمد جميل التقدير والثناء.

لطالما دعى من يسمون أنفسهم فقهاء وشيوخ الإسلام إلى العمل والأخذ بما يسمى بالاقتصاد الإسلامي بإعتباره النموذج الأفضل والأمثل الذي يحقق الاستقرار والثراء والعدالة للجميع، والأهم أنه يعمل وفق الشرع والأصول الحلال وما أمر به رب العزة عز وجل.

هؤلاء الفقهاء "المبجلون" نسوا أننا لا زلنا  في عصر الرمال والحجارة  ،وإذا كنا كغيرنا من البشر في هذا العالم نؤمن ايضا بمالايعقل فإننا قمنا بخطوة اضافية، ولم نكتفي بتخيل فكرة غير معقولة معارضه لأبسط قوانين الاقتصاد،وتصديقها ..بل ذهبنا الى تطبيقها.
في مجتمعنا المتخلف هذا و  الذي يرفض المسلمون فيه أسباب الحضارة من حولهم و يحاولون جاهدين بدئها من الصفر، وبإستخدام العلم المنزل من السماء فقط ، اي القرآن. ليس هناك مكان للعقل الا للبحث في علم و ملكوت الكلمة الموحى بها  الى نبي الإسلام. وعندما واجهتنا مشكلة التعامل مع الربا المحرم..وجد لنا هؤلاء الفقهاء حلا من عالم الخيال اللامعقول...أي العمل بمقولة الإقتصاد الإسلامي الحلال.
وصف الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر قدرة الانسان على التفكير بأنها القدره على تخيل اللاممكن .الإ أن المسلمين زادوا على قولته ، بأنها ليست فقط تخيل اللا ممكن.. بل و تصديقه أيضا.
فحتى في عالم ظهرت فيه العلوم بطريقة خارقة لم تترك مجالا للخرافة، مازال البعض يبحث في عقله عن اللاممكن ليصدقه،فكثير من الناس يصدقون الابراج و يؤمنون "بالتوكال" و الاطباق الطائرة و " عيشة قنديشة" إلخ...
مناسبة عودتي مجددا عن تخاريف وفتاوى فقهاء الإسلام وتبنيها من طرف بعض الحكومات ذو التوجهات الإسلامية في برامجها هو ما يشاع مؤخرا حول إمكانية فتح بنوك إسلامية بديلة بالمغرب على غرار ما هو معمول به في بعض الدول العربية المتمركزة أساسا في دول الخليج البترولية.

فكرة البنوك الاسلاميه لاتتفق بتاتا مع علم الاقتصاد،هنا لا أريد أن أشوش على تفكيركم الذي لم يألف التشكيك في كل شيء يجد مرجعيته في الدين الإسلامي بسبب تنشئة إجتماعية تربت على إمكانية نقد كل شيء إلا الإسلام !!!  ولكن ببساطة دعوني أقول، إن كانت" المعزة تطير".. فسأعترف لكم بأن التمويل الاسلامي نظريه اقتصادية سليمة...لكن للأسف المعزة لا تطير...
بدأت كذبة البنوك الإسلامية عندما بدأ كهان بلاد الرمال والنفط في الخليج بزرع الشعور بالذنب و التخويف من العقاب الإلهي لمن يتعامل مع البنوك و صاروا يلعنونهم في كل خطبة جمعة كجزء من الدعاء الترهيبي ، ثم خلق هؤلاء الشيوخ لأنفسهم، بديلا اخر للبنوك، سموه البنوك الاسلامية. ثم صاروا يطبلون لها حتى تبعهم مئات المساكين الساذجين ،و بما ان الكعكة لذيذة للحصول على سيولة هؤلاء المسلمين بدأت البنوك الغربية أيضا بدخول السوق تحت يافطة الدين الإسلامي ، و لم لا طالما أن هناك من يشتري " رمانة مغمضة"، فقام بنك عالمي محترم إسمه HBSC    بإنشاء فرع له كبنك يقدم خدماته الاسلامية، وغيره كثير مثل city groupe و credit suisse  ، و صار دعاة هذه الكذب, يستخدمون تدافع البنوك الغربية هذا كدليل على نجاح فكرة البنك الاسلامي يبيعونها في كل مؤتمرات الإقتصاد التي يشاركهم فيها إلى جانب مؤسسات المال الغربية طمعا في " اللعاقة".
 فشيوخ الإسلام يحرمون التعامل بالفائدة على اساس انها الربا الذي يحرمه الله ناسين أن  الديانة اليهودية و المسيحية  تستنكران الربا ايضا ولكن لا تعتبراه من الخطايا .ويطلق هؤلاء" اللحايا"  ،شعار ان الاسلام يحرم الربا و يحل البيع و بالتالي فالبنك الاسلامي هو تاجر و ليس ممول،وهكذا اوجدوا عمليات لها اسماء مضحكة ورنانة  مثل المرابحة و المضاربة و الاستصناع و الاستزراع و الاستغراس و المساطحة و المباكسة و النطيح " هاذي لاخيرة زدتها أنا من عندي"* الخ.

 السؤال الأهم الذي يجب أن يطرحه كل عاقل ، كيف يمكن لأي بنك في العالم أن يشتغل ويستمر، ويؤمن مصاريفه و أجور موظفيه دون الحصول على أرباح وفوائد أو ربا؟ وهذا هو ما يدّعيه شيوخ الظلام الذين يمتلك بعضهم أسهماً في بنوك إسلامية معروفة... فثمن الشقة لدى البنك "الكافر" الربوي، مثلاً، هي بعشرين مليون سنتيم، ثم يضيف إليها الفائدة، ليصبح ثمنها مع الفائدة "الربا" ثلاث وعشرين مليون سنتيم ونفس الشقة في البنك الإسلامي هي أيضاً بعشرين مليون سنتيم ، لكنه يشتريها هو لنفسه " أي البنك الاسلامي"، ثم يقوم ببيعها للعميل بنسبة ربح أو "فائدة وربا" ولا فرق، قد تتجاوز ما ربحه البنك الربوي، أو أن يقرض الديون ويستعيدها بنسب أعلى مما أقرضها. ويسمي خبراء الاقتصاد الإسلامي وشيوخه هذه العملية بـ"المرابحة". أي أن الربا وإضافة الفائدة على السلعة الأصلية صار اسمها مرابحة. ما يعني أن العملية بمجملها، هي قضية مصطلحات، وإلتفاف على الواقع، وتغيير أسماء وضحك على اللحى والذقون والزبون.
ولو إفترضنا أن البنك يشتري الشقة الواحدة لنفسه ولحاجاته ولضروراته العملية لآمنا وصدقنا، ولكن طالما أنه يقوم بشراء وبيع آلاف الشقق بهذه الطريقة، إضافة لعمليات قروض كبرى وكثيرة وبنفس الطريقة والأرباح، فعندها ستأخذ المسألة طابعاً ربحياً نفعياً استغلالياً، ولا فرق عندها لو أطلقنا عليه اسم المرابحة، أو الفائدة، والربا فالنتيجة واحدة.
يضحك البنك الإسلامي على العميل المجنون الذي يصدق ان البنك لن يأخذ فائدة على القرض لكنه سيأخذ مرابحة و التي ستكون اقل من الفائدة و سترضي " مولانا" في نفس الوقت. طيب، ما الفرق الأخلاقي او حتى الإقتصادي بين الإثنين؟ الجواب: لا يوجد فرق على الإطلاق فهو مجرد تلاعب بالكلمات. كيف؟ أعطيكم مثالا آخر للتوضيح:

البنك الكافر يقولها لك مقدما " فاص أفاص"و بصراحة و وضوح: "اذا اردت ان تقترض مثلا 100 مليون  فسوف نأخذ منك فائدة 10% بالإضافة الى المبلغ الأصلي مقسطة على عشر سنوات بإجمالي المصاريف بمقدار كذا. اما بنك "خوتنا الإسلاميين"  فيقول للمسلم المغفل: لماذا تريد 100 مليون؟ فيجيب الزبون: لشراء بيت. فيرد عليه البنك الإسلامي  الدجال: لا بأس، نحن نشتري البيت نيابة عنك بقيمة 100 مليون  و نبيعه لك بقيمة 110 ملايين بالإضافة الى المصاريف و سوف نقسط الإجمالي لك على مدى عشر سنوات! ما الفرق؟ الجواب: لا شيء على الإطلاق. 
عمليات التمويل كما درسها لنا أساتذة  الإقتصاد تعتمد على حقيقة اقتصاديه ثابتة هي ان للمال قيمه متناقصة مع الزمن و لها تكلفة،في النظام الاقتصادي الحديث تصبح السيولة سلعة لها قيمة مثلها مثل المعادن و البترول و المحاصيل ترتفع و تنخفض بالعرض و الطلب. حسنا و الان سأشرح لكم إحدى عمليات التمويل الاسلامية الشهيرة والتي لها علاقة بتخصصي القانوني في الانظمة العقارية والتحفيظ لترون الكذبة التي مشى خلفها الجميع و ماهي حقيقتها؟
عند تمويل العقار يستخدم البنك الاسلامي عملية اسمها الاجارة يقوم فيها البنك بشراء العقار و يسجله بإسمه و بعد أن تدفع قيمته كاملة اضافة الي ربح البنك الاسلامي يتم تسجيل العقار بإسمك، تعلمون ان رسوم تسجيل العقارات هي نسب عالية تصل الي مابين 2،5 و 5 %، فعندما يشتري البنك العقار و يسجله بإسم البنك اول مرة يحملك رسوم التسجيل و عندما يسجله بإسمك بعد التسديد تدفع الرسوم مرة ثانية" إيوا كاين شي رباح كثر من هذا". هذا يجعل عملية التمويل الاسلامي أكثر كلفة من البنك التقليدي.
البنوك الاسلاميه، رغم نجاحها " الصوري" هي اكبر دليل على فشل خرافة الاقتصاد الاسلامي او التمويل الاسلامي، كل ماتحتاج هو ان تنظر بدقة من الداخل، لترى الكذب و التدليس، ولكن في مجتمعنا المتخلف الجميع يصدق اللاممكن و اللامعقول..

حكى لي أحد الأصدقاء  مرة أنه سمع شخصا عربيا يتصل ببرنامج البث المباشر على إحدى الفضائيات الإسلامية و يطالب بإدخال أقسام الطب النبوي الى مستشفيات الدولة ،وهو ما يعني مثلا" اللي فيه المصران بلا ما يفتحوا لو يكفي قراءة سورة الكهف عليه وشرب الحبة السوداء يصبح باري"..ومن يعلم الى متى سيستمر هذا التخريف و " التخربيق" الذي يدفع به ارباب و كهان الدين. 
الاقتصاد علم، و سيبقي علما حتي لو كذبوا و صدق الناس كذبتهم و لن يأتوا بنظريه اقتصادية مغايرة مهما حاولوا، هذا هو الفرق بين العلم و الخرافة.. لن تطير تلك المعزة أبدا..و لكن ذلك لن يمنعها.. من أن تضحك علينا...مــــــــــاع