يتفق الجميع على أن خطب الجمعة في السنوات الاخيرة أصبحت  مكررة ولا تواكب ما 


يحدث في المجتمع، حيث أصبحت هذه الخطب بعيدة عن واقع الناس.. فصار هذا الواقع في واد، وما يسمعونه في المساجد في واد آخر ..وذلك نتيجة تطويق إجتهاد الائمة من طرف وزارة الاوقاف وعدم ترك مساحة لهم لكي  يستطيعوا إيصال ما يهم الناس دون قيود، مما ولد حالة من الروتينية والتقليدية ظلت لصيقة بهذه الخطب.

فصلاة الجمعة تجمع شعبي أسبوعي لا توجه لحضوره الدعوات ،ولاتسخر لجلب الناس إليه الحافلات كما يحدث مع جل فعاليات الاحزاب في بلدنا، والناس لايطمعون في منحة مالية أو ترقية وظيفية حين ذهابهم للصلاة بل يذهبون طواعية لايبتغون غير مرضاة الله، لكن جلهم يصاب بخيبة أمل كبيرة تظل جاثمة على الصدور بسبب روتينية المواضيع المتناولة في خطب الجمعة.وفي هذا السياق  حين هممت بالصلاة  كما العادة في مسجدنا القريب منا  بكليميم إسترعى إهتمامي خطبة الإمام في الجمعة ..فبعد أن حمد الله على نعمه بدأ في الحديث عن محاسن الدستور الجديد، والتغني بفصوله 'المجيدة' ودعوة الجميع لمواكبة المسار الديموقراطي للمغرب، وتبشير الناس "بالعهد الجديد" ودولة الحق والقانون...ثم توالت تحليلاته للدستور الجديد ودعوته الجميع إلى التصويت في الإنتخابات القادمة بكثافة  حتى ظننت أنني في مهرجان خطابي لزعيم حزب سياسي وليس في خطبة جمعة...

الإمام أعطى إنطباعا للكل على أننا سنعيش نموذجا ديموقراطيا راقيا يشبه إلى حد كبير أعتى الديموقراطيات في العالم، ولم لا منافسة النموذجين الفرنسي أو البريطاني في معالجة هموم الشعب ..ولكي يؤكد هذا الإمام المرجعية الإسلامية لهذا الدستور إستدل بآيات قرآنية حكيمة قال إن الدستور الجديد نهل منها الشيئ الكثير


صراحة كل من حضر هذه الخطبة خرج متفائلا وأخذ يرسم لذاته 


مستقبلا ورديا..وأخذ يتمثل أمامه حياة سويسرا أو النرويج..."مشى 


زمان الزلط" قال أحد الشيوخ.

المهم إنتهيت من الصلاة وعدت أدراجي للمنزل..وفي المساء 


عزمت على  الخروج إلى الشارع للترويح عن النفس شيئا ما 


..وقدر لي أن أمر أمام 'شارع أكادير' المقابل لولاية كليميم 


السمارة، والمفاجأة أنني صادفت تجمعا لشباب المنطقة  المعطلين 


حاملي الشهادات العليا يطالبون بإعانات مادية لسد رمق 


عيشهم..المهم وقفت من موقع الفضولي لمعرفة مطالبهم،وفجأة 


وبدون سابق إنذار خرج عليهم المئات من قوات الأمن (أو قوات 


القمع كما يحلو للبعض تسميتهم) بمختلف تلاوينها ما بين شرطة 


وقوات مساعدة وعناصر بالزي المدني، وأخذوا بضرب المحتجين


 بالهراوات والعصي في منظر يبعث على الوحشية و تحدي 


صارخ لحقوق الإنسان، شاهدت بأم عيني أحد المخازنية يضرب 


أحد الشباب على الرأس ضربة عجلت بالإغماء عليه على 


الفور..المهم **ترونت القضية** حتى تمكن الأمن من السيطرة 


على الوضع ، والنتيجة كم هائل من المصابين..عدد غير يسير من


 المعتقلين ..ومن فر بجلده *عندو الزهر*...

تأملت هذا الموقف وأنا أتذكر كلام الإمام في خطبته.. أدركت أنني 


لم أعي جيدا ما كان يقصده بالعهد الجديد..إنه يقصد عهد


 *الزرواطة*..عهد *لمخازنية*..*عهد العصى لمن 


عصى*...فهمت أيظا أنه حتى الفقهاء يكذبون على الشعب بإسم 


الدين..و*الفقيه اللي نترجاو باراكتو دخل للجامع......**
 
بعد هذا الموقف غادرت المكان وفي قلبي حرقة من هذا الوضع 



الجريح..وتكون لدي إيمان  قوي بأن وقت التغيير قد حل..كفانا من 


الظلم..كفانا من 




الإستهتار بحقوق الإنسان البسيطة..كفانا من 'العهد الجديد' الذي 




يقصده ذلك الفقيه  المتعجرف......


                                                                 مع تحيات مراسل كليميم..



0 التعليقات

إرسال تعليق