حدث معي في الأمس أن دخل معي أحد الأشخاص من آسا ( بدون ذكر إسمه) في حوار ثنائي على الفيسبوك حول مسألة الإنتخابات وخيار المقاطعة..وحاولت في هذا الحوار أن أضع خلاصة لأهم ما دار بيننا في هذا السياق،وذلك على طريقة سؤال/ جواب.


 س-  تردد في الآونة الأخيرة  أنك ستصوت  في الانتخابات المقبلة وأنك تدعم أحد المرشحين الشباب بمدينة آسا .لكنك في النهاية اتخذت قرار عدم المشاركة رفقة مجموعة من الأشخاص لعل أبرزهم المسمسى ويكيليكس الصحراء. ألا تتخوف من أن تدخل في عزلة سياسية مقيتة في وقت قبلت فيه جل الاطراف السياسية باللعبة وقواعدها؟ 

تنطلقون في سؤالكم بأنني إن ناديت بالمقاطعة فإنني سأعيش العزلة وأن عدم مشاركتي في الانتخابات ستؤدي الى استمرار عزلتي السياسية.
"مراسل كليميم" لا يعيش العزلة السياسية، لأن علاقتي بالقوى السياسية والنقابية والمدنية المناضلة جيدة. ثم أنني أعتبر أن العزلة الحقيقية هي العزلة عن الجماهير الشعبية، والحال أن المشاركة في الانتخابات، في الوضع الحالي، تؤدي الى العزلة عن الجماهير لأنها خبرت الإنتخابات واستنتجت من ذلك أن الإنتخابات لن تقدم لها أي مكتسبات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، بل استفادت الطبقات السائدة لمراكمة الثروات والنظام المخزني لإضفاء الشرعية على إستبداده وقهره لساكنتنا وقمعه للمناضلي الشرفاء .
إن ما يهمنا هو عدم العزلة عن هموم طبقاتنا الفقيرة  وليس المشاركة في الانتخابات والمؤسسات "الديمقراطية" هي المقياس عن عدم العزلة.فهناك قوى لاتشارك في الانتخابات ولها إمتدادات جماهيرية واسعة وهناك قوى لم تتوقف يوما عن المشاركة في الانتخابات ولازالت معزولة، ولست في حاجة هنا لإعطائك الكثير من الأمثلة الحية.
 
س- الملاحظ أنك قلت سابقا أنك لا تمانع في  العمل السياسي المؤسساتي وقد جاء هذا القبول بعد أن كنت تنادي عكس ذلك. ألا يعني ذلك بأن العمل خارج المؤسسات لا يؤدي إلا إلى  المزيد مما يسميه البعض في تضييع الوقت في العمل السياسي الحلقي والهامشي غير الفعال( وكمثال على ذلك ما يقوم به المسمى ويكيليكس آسا)؟
 

 ج - أولا ليس صحيحا "أن أنني قبلت بالإنخراط بالعمل السياسي الحالي ". وخلافا لما تطرحونه في سؤالكم من كون العمل خارج المؤسسات تضييع للوقت وعمل حلقي وهامشي غير فعال، أعتقد أن العمل داخل المؤسسات، في ظل دستور لا يعطي لهذه المؤسسات أية سلطة فعلية، حيث السلطة الفعلية في  يد القوى المخزنية وفي قوانين إنتخابية لا ديمقراطية و إنتخابات مزورة وخاضعة لسلطة المال( وما أشار له الأخ ويكيليكس من مهزلة التسجيلات في اللوائح الإنتخابية الأخيرة نموذج لما نقول)، ليس فقط مضيعة للوقت، بل مساهمة في تكريس نهب خيرات البلاد وعرق جبين الكادحين وفي تقوية الاستبداد والحكم الفردي المطلق. ولعل لنا في آسا خير دليل ...
إن العمل السياسي بالنسبة لنا هو عمل من اجل خدمة مصالح الأغلبية الساحقة من شعبنا والمشكلة من الكادحين والمهمشين.... و المؤسسات "الديمقراطية" المزعومة  التي تتحدث عنها شكلت لحد الآن أحد أهم الأسلحة لفرض الإختيارات الرجعية(بطائق الإنعاش، المقاولات الصغرى، أموال زاوية آسا...) لذلك الفئة الواعية  بشكل عفوي وعارم  تقاطع الإنتخابات ولا تولي أدنى مصداقية لعمل المؤسسات "الديمقراطية" المزعومة. وقد حققت هذه الفئة عبر نضالاتهم المتعددة العديد من المكتسبات واستطاعوا بفضل ذلك، أن يفرضوا على النظام ومؤسساته التراجع على بعض مخططاته الرجعية.
فالعمل الفعال هو النضال في الساحة، بينما "النضال" وسط المؤسسات هو هامشي وغير فعال. لذلك فأنا شخصيا أفضل  أن أكون بجانب الشعب البسيط  في نضالاته عوض تضييع الوقت في النقاشات العبثية وسط مؤسسات صورية.
 
س- علمنا أن أصدقاء مقربين منك قد قبلوا مؤخرا الإنخراط في الإنخابات ودعم أحد

 المرشحين بآسا، لماذا أنت تسبح ضد التيار؟ وهل تعتبر ما قام به أصدقائك خيانة؟ 

ج - إنني لاأعتبر أن المشاركة في الانتخابات تعني الخيانة و"التدجين" من طرف المرشحين . فبالنسبة إلي  الموقف من الإنتخابات ليس مسألة استراتيجية، بل مسألة تكتيكية تتعلق بتقدير سياسي وجواب على السؤال التالي: هل المشاركة في الإنتخابات ستستفيد منها الجماهير الكادحة أو المرشحين؟... في الوضع الملموس للصراع الدائر في آسا حاليا، نعتقد أن المستفيد من الإنتخابات، هو بالأساس، المرشحون السابقون، وذلك خصوصا بسبب غياب تنظيم شبابي قوي يمثل مصالح الطبقات الكادحة، وأنا بهذا الصدد أحمل كل المسؤولية للشباب المثقف عن هذا التواطؤ المفضوح  ونعتقد أنه في غياب هذا التنظيم يسهل على أقطاب الفساد إحتواء القوى الضعيفة المرتبطة، أساسا، بالطبقات الأمية الشيئ الذي يمكنه من تقوية أركانه، على الأقل لمدة معينة.

لذلك يبقى في نظري الخيار المنطقي والوحيد في هذه الفترة هو مقاطعة الإنتخابات  على الأقل لإيصال رسالة مشفرة للدولة عن وجود تذمر كبير وسط الأغلبية الساحقة  من الطريقة المشينة التي تتم بها عملية التحضير للإنتخابات.




0 التعليقات

إرسال تعليق