بعد أن غيرت مؤخرا صورة واجهتي الشخصية في حسابي على الفيسبوك ووضعت مكانها  صورة الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد تفاجأ العديد من أصدقائي على الصفحة من سلوكي " الغير مبرر" بعدما عهدوني دوما من أشد المدافعين عن الحريات والحقوق الأساسية في أي بلد كان وكيف أنني أدعم نظام هذا " السفاح والمجرم بشار الأسد".
اسمحوا لي أن أنطلق من هذا السؤال وأنا أعرف أنني أكتب عكس تيار الغالبية العظمى من الناس التي تؤمن بأن نظام بشار الأسد تجاوز حتى جرائم النازيين واليهود وإستحق بالتالي لقب النظام الأكثر دموية في العالم بدون منازع.. ما الذي يجعل شابا يدعي الحداثة والتقدمية مثلي و يؤمن بالتحرر والديموقراطية ومع ذلك  يعبر عن دعمه اللامشروط لهذا الرئيس الدموي؟

نعم أقولها وأكررها ، أدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد بشكل كامل ومطلق رغم معرفتي بأن جميع المؤشرت تؤكد إزدياد الضغوط عليه وان نهايته باتت مطلب الكل بسبب المؤامرات الدولية اللهم إن زاد مستوى الصمود لدى الدولة السورية ضد الهجمات الإمبريالية.

في هذه المقالة سأوضح لكم باختصار ما الذي يدفعني إلى تبني موقفي هذا، سأسرد لكم بعض المعطيات والتحليلات الخاصة بما يسمى بالثورة السورية على جميع المستويات سواء السياسية أو الإعلامية أو الدولية.
سأقول لكم أولا لماذا أدعم  بشار الأسد ومعه في محنة شعبه :
أنا معه ، لأن الولايات المتحدة وإسرائيل ضدَّه، ولأني كلما قرأت في صحيفة أميركية، أو على موقع إلكتروني عِبْري، رأياً داعياً إلى إسقاطه، لاستبدال نظامه “الدكتاتوري” بآخر “ديموقراطي”، أتذكر فوراً ما فعله التدخل الأميركي في العراق، وتعود إلى مخيلتي سريعاً، مشاهد الإجرام الإسرائيلي في حق الشعبين اللبناني والفلسطيني.
أنا معه ، لأني لا أرى أن في سوريا معارضة، بل مجموعات وأفراد معترضون، بعضهم عن نية مدنية حسنة، وأكثرهم  إرهابيون انطلاقاً من خلفيات متطرفة، أشخاص ملتحون بأسلحة سعودية وقطرية وإسرائيلية  قادمون من الشيشان وليبيا والعراق وتونس والمغرب لا يعرفون سوى القتل والإرهاب ويذكرونني بأناس متواجدون في الدار البيضاء أو كازا مستعدون لتقطيع نفس بشرية مقابل " كارو ماركيز".
أنا معه ،لأنني  لا أظن أن ما يحدث في سوريا قد يسمى ثورة ،لم يسبق لي أن رأيت مظاهرات مليونية تدعو لإسقاط بشار الأسد كما وقع في مصر بميدان التحرير أو ميدان الشهداء في تونس عندما خرج الناس مطالبين بإسقاط النظام،كل ما هنالك مئات من المسلحين المأجورين مدفوعين للقتل كل في يده رشاش كلاشينكوف.
أنا معه ، لأن سوريا ليست ألمانيا عام 1989 حيث سقط جدار برلين، فتحققت الوحدة لأن المجتمع واحد، وسوريا ليست جنوب أفريقيا حيث سقط النظام العنصري بفضل قيادات تاريخية مثل نيلسون مانديلا. أنا معه لأن سوريا هي يوغسلافيا، حيث إسقاط النظام لا يعني إلا الحرب وكما قال وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كاسنجر  " إن سقط بشار الأسد فإسرائيل ستمتلك نصف الشرق الأوسط".
أنا معه، لأن مناهجه التعليمية تعلم أبنائها أن إسرائيل عدو وأمريكا عدو ...وأن البومة لا تلد العصافير... تعلمهم أن يكون رأسهم مرفوعاً أمام أمريكا في وقت خفضت فيه رؤوس عربية أمام أحذية الأمريكان..
نعم أنا مع هذا النظام.. أنا مع النظام الذي ساعد حماس وساعد أهل غزة في وقت تخلت عنها كل دول العالم بما في ذلك دولة ثاني القبلتين وأول وثاني الحرمين الشريفين....
أنا معه ، لأني أشعر أن نظامه “الدكتاتوري” أكثر حرية من بعض الأنظمة التي يدافع عنها الغرب بكل قوة، ويسمح بكل الارتكابات دفاعاً عنها، تماماً كما يفعل في البحرين، وكما فعل مع معمَّر القذافي وغيره قبل الأحداث الأخيرة. وأنا معه أيضاً، لأني لا أعرف لماذا على النظام السوري أن يسقط، فيما يصمد النظام السعودي وسائر الأنظمة الخليجية المدعومة أميركياً وإسرائيليا.
أنا مع  النظام السوري" اللي ما طيح الذل على العرب" وفي وقت تطاولت أعناق رؤساء الديمقراطيات العربية للجلوس عند قدمي السيد الأمريكي ومداعبة كلاب جورج بوش في مزرعته من قبل ملك السعودية... نعم أنا مع بشار الأسد  الذي لم يرطم بكأسه كأس نبيذ السيد الأمريكي....ولم يصافح أعلم علماؤه شيمون بيريز ولم يحرم مفتيه العمليات الاستشهادية للفلسطينيين في وقت حرم فيه هذا المفتي التظاهرات ضد خادم الحرمين..
أنا معه ، لأني كنت ضدَّه سابقاً، وتحديداً قبل عام 2005، حين كان يحكم لبنان، ولأني كنت واحداً بين آلاف الذين رفضوا إلغاء لبنان وشطبه عن الخريطة السياسية،لكن عندما جاءت حرب إسرائيل مع حزب الله أحببت هذا  الرئيس البطل الذي كان يهدي الأسلحة للمقاومة عن طريق " الكونطربوند " في وقت كان " هادوك لعذيرات ديال الخليج متواطئين ضد إخوانا في لبنان".
نعم أنا مع  بشار الأسد و نظامه  لأني لم أجد في الوطن العربي نظاماً أباً يمكن أن يتبناه أفضل منه..

أعطني إعلاماً بلا ضمير .. أعطيك شعبا بلا وعي:

مقولة شهيرة اطلقها وزير إعلام نظام هتلر النازي "جوزيف جوبلز" وهي مقولة  أراها تتحقق على ارض الواقع بنسبة كبيرة ... فما نعيشه من فوضى فى كل جوانب الحياة خلقت بيئة مناسبة يرتع فيها كل من لا ضمير عنده ... فهذه الإمبراطوريات الإعلامية كالجزيرة والعربية بما يملكونه من وسائل وادوات اعلامية يؤثرون فى وجدان الشعب ووعيه ... يحلون حراما ويحرمون حلالا ... يقدسون الطواغيت  ويجرمون الشرفاء وكما يقول الصحراويون في مثل هذه المواقف كمن " كيركدو الناس  في التبن" ... فلسفتهم الاعلامية بنوها على مقولة " جوبلز "  اكذب ثم اكذب ثم اُكذب حتى يصدقك الناس!!  " ...
هذه القنوات هي اخطر على الوطن العربي فى ظل هذه المرحلة الصعبة التى يمر بها بعد "الثورة "... والتى لا نملك فيها الا خياران إما نعبرها الى استقرارا منشود او نغرق فى بحر من الفوضي المستمرة ... التى لا يعلم الا الله هل يكتب لنا النجاة ام لا .
أنا هنا لا أكذب صور مئات القتلى التي نراها كل يوم،لكن السؤال المطروح : من قتل هؤلاء الأبرياء ؟ ألا يجوز لنا القول أن تلك العصابات المسلحة هي من أبادتهم فبصماتهم واضحة فيها !!!
إن ما عرفته بعض الدول خصوصا ليبيا و سوريا من حراك أدخلته الدول الإمبريالية كذبا وزورا في إطار ما يسمى بالربيع العربي ،والحال أن  من أطلق هذه التسمية مصاب بعمى الألوان وإختلط لديهم اللون الاحمر بالأخضر،لأن ما نراه اليوم هي دماء حمراء لأبرياء من الشعوب ذنبهم الوحيد أنهم " "جابتهم السمطة" وكانوا ضحايا لمخططات غربية ويهودية  هدفها الظاهر " تحرير الشعب السوري" بينما مرامه الخفي هو الإستحواذ على آخر معاقل الصمود العربي القومي.
كذب قنوات الفتنة لن يستمر طويلا وسيكتشف الناس يوما  أنهم كانوا ساذجين عندما صدقوا أكاذيبهم و هنا  تحضرني قصة الفتى الذي كان يرعى أغنامه قرب قريته، فأراد أن يتسلى ويمزح مع عشيرته، فنادى: الذئب... الذئب... أدركوني!! ونقل هدوء الريف وسكونه المهيب صوته إلى قريته، فهرع الناس إليه وكل منهم يحمل سلاحه من خنجر أو سيف أو بندقية.... فلما وصلوا إليه وجدوا الأمور هادئة، والغنم ترعى بأمان وسلام، وعندما سألوه: لماذا ناديتنا؟.. قال: إنما كنت أمزح!! فتركوه غاضبين.... وبعد بضعة أيام كرر الأمر نفسه، وصدقه الناس وجاءوه فلم يجدوا ذئبا.... فتركوه متبرمين ضجرين، وقد أيقنوا أنه كاذب ولا يؤخذ بكلامه... وفي المرة الثالثة جاء ذئب حقيقي، وهجم يفترس الغنم ويفتك بها، ونادى الغلام واستغاث وأقسم الأيمان وبكى.. وتوسل... ولكن لا مجيب.... فقد سبق السيف العزل، وما عاد للكذّاب رأي يسمع أو قول يطاع.....
لماذا تغاظت الجزيرة عن ما وقع ويقع في مملكة البحرين من ثورة حقيقية لشعب سئم الظلم والقهر...هل لأن مشايخ الخليج الذين يدفعون رواتب صحفييها خائفون على كراسيهم...وحتى عندما ذكرت الجزيرة خبر مقتل أحد الشبان بسبب دهس سيارة شرطة له قالت بأن الحادث وقع بسبب "وجود بقع للزيت في الشارع" مما أدى إلى إنزلاق سيارة الشرطة وإصابتها لذلك الشاب... كان على هذه القناة أن تذكر لنا نوعية هذا الزيت "واش هو زيت العود ولا زيت لوسيور" ... ما عرفت على من كيضحكو عندهم وجه صحيح وجبهة أكبر من جبهة موريتاني".


يجب ان نتذكر دائما الثورة العربية الكبرى عام 1916 والتي كانت حلم كل عربي بالتحرر من العبودية والاستغلال واقامة حكم عربي وتصور الكثيرون من العرب وقتها انهم بدؤوا العودة الى التاريخ ولكن كانت النتائج كارثية..  تم سن إتفاقية "سايكس بيكو" وتجزئة المنطقة وضياع فلسطين وقيام اسرائيل ومزيدا من التخلف والتبعية والاستبداد ..فهل سيكون ربيع الثورات هو ثورة عربية كبرى ثانية…فلننظر الى اوجه الشبه والاختلاف. مع حق الفرد في الاختلاف بما يراه مقنعا..

أتمنى أن تكون وجهة نظري هذه واضحة لكل من إتهمني بدعم الظلم والاستبداد...وألا يقال عني أني " شبيح" والشبيحة كلمة سورية تنسب إلى البلطجية والمرتزقة التي يجندها النظام للدفاع عنه.
أخيرا : إن كان الإنتماء للعروبة والمقاومة وعدم الإنجرار وراء الفتنة قد يؤدي إلى نعتي بذلك...فسجل يا تاريخ أني شبـــــــيـــح




مع تحيات مراسل كليميم



0 التعليقات

إرسال تعليق