حينما فكرت بالكتابة حول هذا الموضوع أدركت تماماً أن تناوله ينطوي على كثير من المجازفة في علاقتي مع بعض القراء في تحليلهم لكلامي هذا، لأنه يدخل في باب " مواضيع حشومة نتكلموا فيها" ..لكن السكوت أيظا حول هذه القضايا  يعتبر جريمة  و مخاطرة بأبناء يجلسون بالبيت كثيراً , بعدما بات الأنترنت مفتوحا وفضاء الجنس لا حماية عليه والقنوات مشرعة وعلى الهواء مباشرة الحديث عن الجنس بشتى انواعه , وعالم الأسطوانات يملئ الشوارع والمقاهي والسينما ....وأماكن أخرى تعرفونها جيدا.
أنا هنا لا أريد أن أصدر أحكام قيمة على الموضوع والجزم على أن نصبح ملائكة في عالم المثل الذي سهر أفلاطون سنينا في سبيل التنظير له ..بل لا أنكر شخصيا أنني أيظا كنت في سنوات المراهقة في سعي حثيت  وراء كل شيء قد يقربني للطرف الآخر في الحياة.
ربما ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع الإحساس الكبير بأهمية أن نحافظ على قيم المجتمع الصحراوي.. تلك القيم التي تربينا عليها وباتت تشاركنا في كل اوقاتنا، ولكن ان يصل الحال بمجتمعنا إلى أن يصير "التصاحيب" أمرا عاديا.. اعتقد أنه علينا التوقف عند هذه الظواهر ودراستها بكل عنايه وتبصر ..
في هذا السياق أقول وإنطلاقا من تجارب واقعية لي و لأصدقائي..فإن " الطافيلات" إن أرادو فعل شيء ما مرتبطة بعلاقة حب ما  فكن متأكدا أنهم سيفعلون ذلك ولو " تسد عليهم بطة ديال نيدو" وتتساءل في الأخير كيف فعلوا ذلك " وبحالاش خرجوا من البطة وهي مقفلة"..لذا فإن المراقبة او " الزيار" لن تجدي نفعا مع الجنس اللطيف وبالتالي فهم" غير إيلا هداهم الله".
أما بالنسبة " للدراري" فلقد  بلغ السَّيل الزبى,  لِما آل إليه حال بعض شباننا اليافع اليوم, والذين بتنا نمتعض لرؤيتهم في هذا الحال؟!  وهذا ما دعاني لأكتب ما تقرئونه الآن وبكل أسف؟! وما هذا إلا تصويرٌ واقعيٌّ لشريحةٍ واسعةٍ من مجتمعنا الآن, باتت ظاهرة لذَوي الْبَصَائـِر, ولنبتعد قليلاً عن المجاملات والمحاباة و" لنكشف الواقع نيشان" ولعلّ البعض يشاطرني العديد من النقاط التي بتنا نراها بأم أعيننا نظراً لاستفحالها بيننا:

أولاً: لم نعُد قادرين على  التمييز بين الذكر والأنثى في الكثير من المشاهد البصريّة, إلا من الناحية البيولوجية " وهذه صعبة لأنها مخفية شيئا ما", أما دون ذلك حدّث ولا حرج, فالشباب ينافسون الفتيات على عروض الأزياء والموضة في الشوارع, ومنافستهن على مستحضرات التجميل, (و تمليس الشعر, ليتطاير على كتفيه كالحرير, أو للحصول على شعر " جذاب بلا عذاب" ،"تسريحة سباكيتي" التي لن تهزّها الرياح ولن تنال منها الأعاصير, ناهيكم عن وضع العدسات  الزرقاء تارة والخضراء تارةً أخرى,  وما خفي كان أعظم " اللي شاف شي يقول الله يستر"
ثانياً: تجدهم خالين الوفاض, قلوبهم وعقولهم خاوية على عروشها من العلم والثقافة, ولا ذرة من الحكمة , ماعارف الليف من الزرواطة, ولكنها  تهتزُّ طرباً حينما تسألهم عن آخر ألبومات المطرب الفلاني, وأحداث المسلسلات التركية أو الحكم الذي سيقود المباراة القادمة.. أكيد سيبرهن عن كعبه العالي في ذلك..لكن أن تسأله عن علم قد ينفعه هو او مجتمعه " يجاوبك الحيط ما جاوبك هوا".
ثالثا: إهمال للشباب للجاني الديني "ولو أنني شخصيا أحس بأنني مقصر فيه شيئا ما" لكن بعضهم تجدهم أيضاً قد  استهوتهم الدنيا, وانشغلوا عن بالملذات الدنيا الفانية, ممزقون بين شهوات الدنيا، ضائعون  ،مما يؤدي لوقوعهم في  مزالق المعاصي, (فالنفس إن لم تشغلها بالطاعات, أشغلتك بالمعاصي),   فلو قمت بإيقاظه لصلاة الفجر أو حضور صلاة الجمعة, سرعان  ما تخور قِواه الجسمية, وتتكشّف عليه الأوجاع والآلام من كل حدبٍ وصوْب, و يلتحف جيداً بالغطاء, مع تركيز وضع الوسادة جيداً على الرأس, من ثم وضع اليد اليمنى فوق الوسادة, وكأنك قمت بحقنه بنسمة برد قارسة, ولكن " الوصفة السحريَّة لإيقاظه" أخبره أن "الجميمة" على جنبات الشارع تنتظر ' الطوبيس', ستتبعثر هنا الكلمات, وستتوه هنا الحروف, وسيحارُ العقل في وصف مدى اللياقة البدنية والرشاقة والخفة, التي باتت تكتنز جسدهُ العليل في تلك اللحظات العارمة, فيقفز كالصاروخ, وإذ به على قارعة الطريق, من ثم يبدأ بتزيين العينين مع الشفتين,و ووضع " جيل التشويكة" مع بريق أسنانه من بعيد (وتحضير إبتسامة ساحرة ولو كانت خادعة؟!) ... الخ.
نداء أوجهه إلى جميع الفتيات،هل تعلمون أن الذكور عندما يكونوا "عاصرين على شي قهيوة فاش كيجمعوا" إنهم يتجاذبون أطراف الحديث حولكم وتراهم أيضاً يتفاخرون, حينما يجلسون مع بعضهم البعض, ولكن على ماذا يتفاخرون برأيكم؟! نعم, كم فتاة شبكت مصيدته, صاحب العدد الأكبر من الصداقات ويتهافتن عليه الفتيات, ماذا يكون؟! وكم مرة مارس معها الجنس،بل وفي أحيان كثيرة يعطي تفاصيل دقيقة ووصفا دقيقا لجميع أطراف جسم التي تقاسم معها إحدى الغرف المظلمة..فهل ترضون يا أخواتي بهذا الذل؟؟؟....
أنا هنا لا أحمل كل المسؤولية للبنات أو الذكور..أكيد لهم جانب في ذلك لكن هناك متدخلون آخرون في المعادلة لا سيما في المدرسة أو العائلة أو المجتمع. ولهذا، يؤكد الباحثون وجوب أن يكون الأبوان قريبين من أبنائهما، لأن المراهقين يواجهون معاناة كبيرة في مرحلة "النضج الجنسي"، وهي بدايات التشوق للجنس الآخر، والمطلوب ضبطه وتوعيته ومراقبته، في مثل هذه المرحلة.
ثم أين دور المساجد في دروسها التي تتيحها منابر الفضيلة لهم , المجتمع ليس بحاجه للحديث عن مشاكل افغانستان , والعراق  وسوريا وتحديات العصر ودور الامم المتحده بقضايا الأمه العربيه أو الدعاء على بشار الأسد، المساجد يجب ان تعود لدورها الحقيقي بالتنبيه لمختلف القضايا التي تصيب المجتمع , ولعل ظواهر بحجم الجنس والعلاقات العابرة تجعل عليهم دور بارز بالتصدي لها والتنبيه بالوقوف على اسبابها ..ولأنه اذا عُرف السبب فقد إنتهت المشكلة ..
وأخيـــراً نقـــول "العاقل من اتعظ بغيره، والشقي لا يتعظ إلا بنفسه", لذا تجدر الإشارة هنا, أن هناك العديد من الشبّان والفتيات, لا  زالوا تحت تأثير سمة طفوليـّة كبرنا عليها ألا وهي (حب الاستكشاف والتجريب) فالبعض يرغب تجريب كل ما يراه سواء سلباً أو إيجاباً,تجده يقول" غار نجرب ونمشي" فما أن تطأ قدماهُ لأي  جحرٍ  منحرف, ساعياً للاستكشاف والتجريب, يحسبه في بادئ الرأي طريقاً يسيرا من السّهل عليه مغادرته بأي وقت, وإذ به كثبـان من "الرِّمــال المتحــرِّكة", فينجرف فيها وحولها ويغرق في فتنها, فتنضب مقاومته وتضعف, و يهيب بمن حوله, وما أن يستفيق من غفلته يكون قد دفع "الثمـــن باهظــاً من عمره ووقته وسمعته  وأسرته وشرف و , و ...فكم من فتاة ما " عاقت حتا فات الفوت"الخ, هذا إن استفاق  فعلاً وهو حيّ, وليس حينما يحتدّ بصره, ويحضر ملك المــوت؟!
وختامـــا هل نشعر بالرِّضى لما آل إليه حال شباننا هذا اليوم ومتى سيستفيق يا ترى ؟! أم سيبقى في سبات عميق وإلى متى؟! وما سر تفشيه بهذه الصورة؟! هل أصبح لديهم قَبول مجتمعي وعدم انكار؟
كانت هذه مجرد أفكار أدع لكم الحكم في تقييمها ومناقشتها  لأجل الوصول إلى مجتمع خلوق ومتخلق يتبنى ترسيخ القيم الجميلة في أنفسنا ...

0 التعليقات

إرسال تعليق