عشرون  عاما من الدراسة لا تكفيك في هذا  البلاد السعيدة لتكون إطارا بسيطا في إدارة مهترئة مكلفة بجمع اكياس القمامة...بينما تكفيك ثلاثة أيام من النفاق والتملق  لتكون مديرا...وزيرا، ضابطا في بلد يرتفع فيه ثمن الخبز و الزيت، وتنخفض فيه قيمة مختلف أنواع الشهادات العلمية .
 فهل يستحق حملة الشهادات أن يكونوا هكذا ؟ ويستحق أولئك أن يكونوا كذلك ؟ جواب الحكومات المتعاقبة علينا كان بنعم.
حكومة السيد عبد الإله غاندير ( بنكيران) طبخت عقولنا بأسطوانة مشروخة وبالية في كل مقابلة صحفية أو خطاب سياسي ، وفي كل فرصة، ومن كل قيادات الإسلاميين المبجلين : إننا نتعامل مع موروث من الفساد وجدناه أمامنا، لذا فهمنا هو أن لا نصل لمرحلة أن يفتح المواطن ذات صباح صنبور الماء ويجده قد نفذ !!!
لكننا " عشنا وشفنا" بعد توالي أيام حكم بنكيران أن الأمور قد تحولت إلى الأسوء، ولم تكن الحكومة خير خلف لشر سلف ، كانت هذه الفترة الجديدة مع بزوغ رياح التغيير فرصة ذهبية لتماسيح ساعدتها خبرتها على حفر خندق عميق للزعيم الإسلامي، وتحولت الدولة إلى غابة من دون الأسد، واستمر الفيلم السخيف والممل الذي طالما سعى أبطاله من أحفاد جمال البنا بالمغرب إلى إطالة حلقاته بطريقة أكثر بلادة وإحتقارا لهذا الشعب البليد بدوره، ونال الفيلم رضى البسطاء الذين لا يفرقون بين الشعبوية و "الشعيبية عيال كبور".

أما حملة الشهادات من الأطر العليا فهم بدورهم لم يستطيعوا أن يكونوا  في مستوى ثقافتهم، وبقي دورهم كدور أي مواطن، يتمتع بالفرجة على انتهاك حقوقه، ودموع شهاداته...
لنفترض جدلا أن التوظيف أصبح شفافا ونزيها، ولكن هل نزاهة هذه المباريات كفيلة بأن تساعد على امتصاص البطالة؟؟؟
حكومتنا المبجلة إخترعت لنا حلا سحريا في أول الأمر  ووضعت إحدى  أهم تلك البدائل و هي  أن يستثمر حملة الشهادات في " مقاولتي" !!!
شخصيا مستحيل أن أحترم حكومة تريد من الدكتور أن يقف بائعا في " حانوت" وتعين الفلاح  وزيرا.

خلال الشهر الحالي،  وسعيا من الدولة لمواصلة هذه السياسات العبقرية، قام رئيس الحكومة بإبرام إتفاقية لتكوين حوالي 1000 إطار للحصول على شهادة معترف بها  في أفق خلق مثل ذلك العدد من فرص العمل ببالمؤسسات الخاصة...

هل لهذه الدرجة من الجهالة في الابتكار لم تجدوا لآلاف المعطلين عن العمل إلا أن يكونوا " كايديرو السوايع للتلاميذ"؟؟؟
لنفترض جدلا أن هذه العملية قد تناسب خريجي الآداب...ماذا سيدرس الإطار في الحقوق،هل سيعطي دروسا في وسائل الإثبات في التشريع المغربي؟؟؟؟؟

في الأسابيع الماضية أيضا باركت رئاسة الحكومة قرارا اتخذته وزارة التربية والتعليم بكل جرأة في زمن الثورات، ففي بعض الدول العربية تم خلق آلاف فرص العمل، وغيرت الدساتير، وتم توسيع سلطات الشعب، أما عندنا، وبما أننا شعب جبان  لا تخشاه حكومته فقد قامت بحذف قرابة 2000 منصب في التعليم بعد أن كانت أعلنت عن حاجتها في قانون المالية ل 8000 أستاذ  مع أن هذا العدد يوجد أكثر منه في شعبة واحدة !!!

الجانب المؤلم أيضا من البطالة والمسكوت عنه هو بطالة الفتيات  الحاصلات على الإجازة خصوصا " الخيبوعات منهم" الذين حظوظهم في طرق عريس لبيت أهلها ظئيلة جدا،وسئمت من الجلوس في منزل أب أنفق الغالي والنفيس وتساوت لحيته ورأسه شيبا ،فهم  لا يستطعن العمل في المقاهي ، ولا في " لبالة ولفاس"، ولا أن يعملن في سيارات الأجرة، ، لا تستطيع الفتاة أن " تبريكولي" في مهنة بسيطة لتوفير مبلغ الحمام... أمور كثيرة يستطيع الرجال حملة الشهادات أن "يصوفو ريوسهم" فيها، لكنها لا تصلح لصديقاتنا وأخواتنا ...

قد تتناثر  دموع على هذه السطور، لكنها دموع المظلومين التي تصعد للسماء، بعد جهد كبير لا يعلمه إلا الله...


كل عام والمعطل بألف خير...

0 التعليقات

إرسال تعليق