لا أذكر أنني في صغري كنت مشاغبا بل بالعكس تماما كنت طفلا هادئا وخجولا يضرب به المثل في الأدب، والعهدة على الراوي وهي أمي التي لطالما تغزلت بهدوئي و" ظرافاتي" في كل مرة ، ومازالت تتغنى بأيام تربيتي وكيف أنني لم أكن أتعبها كما في تربيتي، طبعا هذا لا يعني أنني  كنت طفلا مثاليا تماما ،فذاكرتي  تحتفظ ببعض المواقف التي كنت فيها فوضويا، ولازلت  أذكر  ملامح ذلك المجرم الذي تجرأ على قرصي في أذني بعد أن قمت ذات مرة رفقة أصدقاء لي على فتح صنبور  مكان الوضوء للمسجد  وتركه مفتوحا والماء يضيع ، وكنت لسنوات طويلة بعد الحادثة أكن له حقدا دفينا  في كل مرة أراه فيها رغم أنني كنت " نستاهل لعصا".
لا أدري لماذ تذكرت تلك الحادثة وذلك خلال جلسة نقاش عائلية مؤخرا  وذلك بعد مشاهدة برنامج للفتاوى تحدث احد المتصلين فيه عن حكم إحضار الأطفال المزعجين للمسجد مع أهاليهم خلال الصلاة، وهي ظاهرة باتت متكررة هذا بالرغم من التبيهات المستمرة والمتكررة من قبل أئمة المساجد ينصحون فيه الأمهات بعدم احضار أطفالهن إلى المسجد تجنبا للإزعاج،وأنه من الأولى أن تصلي المرأة في بيتها كي لا تشوش على باقي المصليات ،وهو الكلام الذي مللنا من سماعه في " الميكروفون"،  حيث  أن البعض – هداهن الله-  لا يكتفين بالحضور مع طفل أو طفلين بل هناك من تحضر مصطحبة " قشلة ديال التركة" ،بل منهم من يحضر  الرضيع الذي لم يكمل عدة شهور ومنهم  الذي مازال يحبو ويستكشف طريقه بين أرجل المصليات، وهو ما يتسبب في صدامات متكررة يوميا ما بين المصليات القادمات للصلاة بحثا عن صلاة خاشعة وبين أولئك الأمهات اللواتي يعتبرن مجيئهن للصلاة مجرد نزهة قد تكسر روتين "الكوزينة"....
إنتهى نقاشنا هذا  باقتراح من الأخ بأن يتم لي الأطفال " بكرصة" في آذانهم عقابا على التسبب في الإزعاج، لكنني خالفته الرأي بعد أن استرجعت ذلك الموقف الذي ممرت به في طفولتي، وتساءلت عن  من يستحق أن يقرص في أذنه؟ الطفل الصغير الذي لا يميز بين مكان الصلاة ومكان لعب " بيسو"،أم ولي الأمر الذي قام بإحضاره لهذا المكان ويصر على ذلك كل مرة؟
أترك الجواب لكم!





0 التعليقات

إرسال تعليق